عندما قام أستاذ الاقتصاد محمد يونس بابتكار فكرة القروض الصغرى في سبعينيات القرن الماضي ونشرها عبر كل بقاع العالم خاصة منها التي تعاني من معضلة الفقر ، كان غرضه الرئيسي هو المساهمة في تقليص معانات شريحة واسعة من سكان العالم تئن تحت وطأة الفقر والتهميش والهشاشة .
ولو أدرك حينها الأستاذ محمد يونس الحالة التي وصل إليه اليوم مستفيدوا هذه القروض من مآسي في بلادنا الحبيبة لعدل عن فكرته أو لعله ربما أقبرها قبل ولادتها .
يلتجئ العديد من المغاربة اليوم إلى جمعيات القروض الصغرى من أجل الاستفادة من قروض صغيرة ومتوسطة تتراوح مبالغها على أقصى تقدير إلى 50000 درهم يمنون أنفسهم من خلالها أن تكون وسيلة مدرة لدخلهم اليومي أو طريقة من أجل تحسين وضعهم المعيشي .
جمعيات من مثل ” الأمانة، التوفيق، البركة، أرضي… ” تنتشر في كل ربوع المملكة كما ينتشر النار في الهشيم تستهدف بالخصوص الدواوير الهامشية والقرى النائية حيت ترتفع نسبة الفقر والأمية والإقصاء الاجتماعي . تمنح هذه الجمعيات قروضا بفوائد جد مرتفعة تصل في بعض الأحيان إلى 50% مستهدفة بالخصوص النساء العاملات في المصانع و الضيعات الفلاحية . هؤلاء النساء غالبا ما يقعن فريسة سهلة لهاته الجمعيات حيث يقمن بالتوقيع على عقود السلف دون أن يدركن حجم الفائدة المتفق عليها سلفا، لتبدأ بعد ذالك المعانات مباشرة بعد تسديد الأقساط الشهرية.
عندما تعجز إحدى هذه النسوة عن تسديد المبالغ المستحقة، يقوم مستخدمو هذه الجمعيات بكل أشكال التهديد النفسي والمعنوي في حقهن من مثل التهديد بنزع الملكية، التهديد بالسجن، وغيرها من الوسائل الزجرية التي لا يكفلها القانون بالضرورة.
في الحقيقة لا تقوم هذه الجمعيات بمراعات الوضعية المعيشية الصعبة التي يعيشها زبنائهم ،ولا يقمن بمواكبة وتتبع مصير هذه القروض خاصة أنها منحت من أجل خلق مشاريع مدرة للدخل بل يكون الهدف الرئيسي هو الربح من خلال سلفات صغيرة بفوائد جد عالية .
في عام 2010 حاولت مجموعة من النساء بمدينة وارزازات تأسيس جمعية ”ضحايا القروض الصغرى” كان الغرض منها تعريف الرأي العام بحجم معاناتهن و التحسيس بخطورة ماتقوم به هذه الجمعيات من خروقات قانونية في حق زبنائها بالخصوص منهن النساء . الجمعية التي لم ترى النور بعد تدخل وزارة الداخلية على الخط والتي اعتبرتها لا تستند على أسس قانوني.
واليوم ونحن نعيش في ظل الدستور الجديد والذي ربط المسؤولية بالمحاسبة يتوجب على كل الفاعلين الاجتماعيين والحقوقيين محاسبة هذه الجمعيات و تتبعها خاصة أنها تستفيد من امتيازات قانونية كالإعفاء الضريبي وغيرها من الامتيازات الأمر الذي يطرح أكثر من تساؤل حول من يقف وراء حماية هذه الجمعيات ومن المستفيد من ذلك .

ليست هناك تعليقات :
اضافة تعليق